الاثنين، 11 يناير 2010

أكبر لغز في تاريخ الدولة الاموية .


الخليفة الراشد العادل عمر بن عبد العزيز الذي ضرب بعدله وحكمه الامثال - طبيعة العصر الذي ظهر وحقيقه ما يقال عن ذلك العصر ومدى الشرور والمظالم التي يرددها المغرضون

بسم الله الرحمن الرحيم

عمر بن عبد العزيز رحمه الله
شاهد على صلاح العصر


-1-
ان المتأمل لكثير مما يكتب وينشر عن تاريخ القرن الهجري الاول يظن أن هؤلاء الكتاب والمؤرخين يكتبون لكوكبين مختلفين أو عصرين متنافرين لا يمت أي منهما صلة للاخر

- فهذا القرن هو خير القرون نصا كما نقل في الصحيح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم وعقلا لقربه من عهد الرسول وأصحابه وأخذه الدين طريا غضا كما أنزل
- وهو عهد الصحابة وعهد تابعيهم
- وهو عهد العلماء والصلحاء والاتقياء
- وهو عهد الفتوحات ونشر الاسلام في ارجاء الدنيا المعروفة انذاك من المحيط الهندي الى الصين الى اواسط اسيا الى البحر المتوسط الى المحيط الاطلسي

وفي الجهة المقابلة
-هو عهد قتل الحسين
- هو عهد بني أمية ويكفي عند البعض أن يحمل هذا الاسم ليكون وصمة عار صنعتها أفكار
- وعهد الحجاج بن يوسف
- وزد على ذلك القصص والاباطيل التي اخترعت فيما بعد أو صح جزء منها ثم أضيف عليه لرسم الصورة السوداوية التي يتداولها الكثيرون لغرض في نفوسهم : مثل دعوى قذف الكعبة بالمنجنيق وقصة استباحة المدينة ودعوى شتم الامام علي على منابر الامة طوال 60 عاما
وغيرها من الاكاذيب
ليخرجوا علينا بهذه الصورة القاتمة السوداوية عن هذه الفترة العزيزة والمهمة من تاريخنا

لكن على الرغم
نفاجأ من بين تلك السوداوية والقتامة والظلم يخرج لنا الرجل الاسطورة عمر بن عبد العزيز
واذا به بقدرة قادر
وبعصا سحرية
وبقدرات خيالية وأسطورية
يغير هذا العالم ويقلب طبيعة هذه المجتمعات ويصلح فساد الحكومات
فيزيل كل هذه المظالم والمفاسد
وينشر العدل والصلاح والخير والاستقامة
كل ذلك في غضون سنتين ونصف سنتين ونصف

فكيف حصل كل ذلك ؟
وهل يصدق فعلا

اننا أمام خيارات ثلاثة لا رابع لها :
1- إما ان عمر بن عبدالعزيز حكم في عصر أو زمان أو كوكب غير ذلك الذي عاش فيه بنو أمية
2- واما أن ما نسب الى عمر بن عبدالعزيز من اصلاح وعدل مبالغات وخيالات لا تصح
3- أو أن ما نسب الى العصر السابق لعمر من ظلم وفساد هو مزيد فيه ومبالغ فيه ان لم يكن معظمه كذب وافتراء لهوى في نفوس كثيرة ناقمة على هذه الفترة




----------
ان المتأمل لسيرة عمر رضي الله عنه وعدله والاصلاحات التي أنجزها في فترة حكمه البسيطة التي لا تتجاوز ثلاثين شهرا وفي دولة عظمى هائلة المساحة كالدولة الاموية تمتد من اطراف الصين الى أطراف فرنسا والمحيط الاطلسي ، ليقطع أن هذا ما كان ليحدث لولا أن عمر وجد الامة الواعية التي تعينة والشعب الصالح الذي يحتاجه كل داعية اصلاح


باختصار :
إن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله شاهد على صلاح العصر وصلاح الامة ومدى وعيها وتدينها انذاك ومدى استقامتها ، وأن الكثير من النكسات التي حصلت انذاك لم تكن لتحدث لولا وجود خلل في القيادة
وأما رمي ذلك الزمن ووصمه بكامله
فلا

لقد آن الاوان ايها الاخوة لنقف في وجوه من يعتدون على تاريخنا ومن ينتهكون قدسيته
ان تاريخنا هو تاريخ ديننا رفعته من رفعته
وانحطاطه من انحطاطه

ان وجود الاخطاء والنكسات في تاريخنا حقيقة لا يمكن انكارها
لكن وصم تاريخنا كله أو فترة منه - خصوصا القرون الاولى بالسوداوية والفساد أمر يجب أن نقف منه بشدة وبكل رفض
ويجب أن نتبه الى محاولات أعداء تاريخنا من مستشرقين أوروافض التي لم تتوقف يوما لتشويه تاريخنا ووصمة بشتى الاوصاف أو محاولة الحط من فترة مهمة وحاسمة فيه مثل القرن الاول

أين نجد هذه الإمامه الإلهية وهذا العصمة و رواتكم كذابين .

أين نجد هذه الإمامه الإلهية وهذا العصمة و رواتكم كذابين .





أخرج الكشي عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « إنّا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذّاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس ، كان رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أصدق البرية لهجة وكان مسيلمة يكذب عليه ، وكان أمير الموَمنين ( عليه السلام ) أصدق من برأ اللّه ، من بعد رسول اللّه وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه بما يفتري عليه من الكذب عبد اللّه ابن سبأ لعنه اللّه ».




جاء في " أساس الأصول للسيد دلدار علي 51 " قوله :
( إن الأحاديث المأثورة عن الأئمة مختلفة جدا لا يكاد يوجد حديث إلا وفي مقابله ما ينافيه ، ولا يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده حتى صار ذلك سببا لرجوع بعض الناقصين عن اعتقاد الحق ) .







وجاء في " الوافي المقدمة 9 " قول الفيض الكاشاني عن اختلاف طائفة الشيعة : ( تراهم يختلفون في المسألة الواحدة على عشرين قولا ، أو ثلاثين ، أو أزيد ، بل لو شئت أقول لم تبق مسألة فرعية لم يختلفوا فيها ، أو في بعض متعلقاتها ) .




ذكر أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) الحارث الشامي وبيان


فقال : كانا يكذبان على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، ثم ذكر المغيرة بن سعيد وبزيعاً والسريّ وأبا الخطاب ومعمراً وبشار الاَشعري وحمزة البريري وصائد النهدي فقال : « لعنهم اللّه إنّا لا نخلو من كذاب يكذب علينا أو عاجز الرأي ، كفانا اللّه موَنة كل كذّاب ، وأذاقهم اللّه حر الحديد ».






نسألكم الدعاء

-------------
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم



بسم الله الرحمن الرحيم

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }البقرة189

{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ }البقرة215

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة217

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }البقرة219

{فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }البقرة220

{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }المائدة4
 

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }الأعراف187

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }الأعراف187

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }الإسراء85

{وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً }الكهف83

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً }طه105

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا }النازعات42

ياشيعة الصحابة رضوان الله عليهم ما تركوا شيئا غامضا عليهم

الا وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه

ولو كانت الامامة او الوصية واجبة ومفروضة من الله تعالى

لذكرها الله تعالى صريحة لا تحتاج منكم الى لى الايات لتثبتوا

الامامة او الولاية او الوصية

ولسألوا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم

رفيق الحسن بارك الله فيك وشكرا لك

موضوعاتك فى الصميم ومفحمة لهم
 
 

الثلاثاء، 5 يناير 2010

تصحيح العقيدة



أدركني ياعلي !

في ميزان القرآن والعترة

الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، لا ندَّ لهُ و لا شبيه ، له الخلق والأمر ، ولا ينازعه في ملكه أحد....

والصلاة والسلام على منقذ البشرية ، و معلم الإنسانية و قدوتها ، نبي الرحمة و رسولُهـا ، أبي الزهراء محمد ، صلى الله عليه و جزاه خير ما جازى به نبياً عن أُمَّتــه ، و على آله الأطهــار ، أئـمـّــة الـهـدى بالـحق ، الذين بذلوا أنفسهم لتكون كلمة الله هي العليا فكانوا مناراً يهتدى به و علمــاً يـشــار إلـيـه ....

ورضي الله عن الخيرة الـمخـّيرة من صحبــه الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه و ما بدلوا تبديلا ، وعلى كل من سعى بسعيهم و انتهج بـنـهـجـهـم حتى يرث الله الأرض و من عليــهــا و هو خيــر الـوارثــيــن أمــا بعــدُ

يتعرض هذا البحث الى موضوع الاستعانة و التوســل ضمن عقيدة الإسلام ، ويحلل بعض الألفاظ الشائعة في المجتمع - الشيعي على وجه الخصوص - وموقف القرآن والسنة وأئمة أهل البيت عليهم السلام منها ويبين خطورة هذه المسألة ودقتها في ميزان العقيدة باعتبارها إحدى أعمدة التوحيــد الذي هو أساس الإسلام و دعوة الأنـبـيــاء و جهاد الأئـمـة عليهم السلام . كذلك يتعرض الى بعض الشبهات التي طُرِحَت لتبرير التوسل والاستغاثة بغير الله.

ولا يفوتنا أن ننبه هنا الى أننا نرى أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من أهل بيته من بعده هم أهل الشفاعة والجاه الذي لا يُرد الا بإذن الله ، ومنزلتهم منزلة الشهداء الأحياء عند ربهم بأعلى ما تكون به المنازل التي لا يعلمها الا الله بما آتاهم الله من فضله وبما بلغوه من تقواهم له (( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ))(1) ، باعتبار أن التقوى هي ميزان الكرامة عند الله ونحن نرى أنهم كانوا أتقى خلق الله له ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتقاهم لله ، وهم يشكلون المرآة الحقيقية لسيرته و خُلُقِهِ الذي كان القرآن ، كما تقول بذلك السيدة عائشة ، وبالتالي فنهجهم وسيرته صلى الله عليه وعليهم تعكس أوامر القرآن وأحكام القرآن كنسيج واحد. ونرى أيضاً جواز التوسل الى الله بهم كقول القائل (( اللهم إني أسألك بحق نبيك وآل بيته الطاهرين ..)) شرط أن يكون الخطاب موجهاً لله وحده ، وإن كان التوسل الى الله باسمائه الحسنى وصفاته العليا خير و أقرب الى أوامر الله في كتابه

و سنة المصطفى ونهج الأئمة من أهل البيت عليهم السلام ، ولكنها تبقى جائزة ، وانما كلامنا عن توجيه النداء و الإستغاثة بذواتهم كما سنبين حكمه ان شاء الله.

صيغ التوسل ومدلولاتها

هناك صيغتان من صيغ التوسل بالأنبياء و الأولياء و فيهما يـقع الخلط بين الناس ، الصيغة الأولى : هي صيغة التوسل بالجــاه، كأن يقول القـائل : ( اللهم أدركني واكشف عني كربي بحق رسولك و آله ) أو ( اللهم إني أسألك بجاه رسولك و آله ) وهي خطاب لله مباشرة ، ولا كلام لنا عن هذه الصيغة وإن منعها بعض المسلمين ، لكنها وردت في بعض أدعية الأئمـة الـمـوثـقـة و لا معارض لها من الكتاب و السنة ، وللمسلم أن يناجي ربه بما شاء وبجاه من شاء ما دام خطابه موجهاً لله وليس لغيره ،

أمـا الـصـيـغـة الثـانيـة فهي صيغة التوسل المـبـاشـر والأستغاثة المباشرة ، كأن يقول القائـل : ( أدركني ياعلي ) أو ( الغوث يارسول الله) هذه الصيغة منتشرة في مجتمعنا ، سواءً بين عامتهم و مثقفيهم ، فهي إذن ليست من طرح الخيال ، بل هي واقع ملموس و في عصرنا الحالي ، لذا يحق لنا مناقشته . من التبريرات التي أُلقيت حول هذه الـصيغ هي أنهـا لطلب الشفاعة من الله لقضاء الحوائج و تفريج الكرب ! وهذا تبرير بعيد عن الحقيقة لعدة أسباب منها : أن ليس في نــص الصيغة ما يدل على طلب الشفاعة ، لأن تلك صيغتها : (يا علي اشفع لي )! .. و ( أدركني ) غير ( (اشفع لي ).. ( أدركني ) هي صيغة اليائس من حوله و قوته إلى حول و قوة من هو أقدر منه ، أمـا ( إشفع لي ) فهي طلب الوساطة في أمرٍ الحكمُ فيه لطرفٍ ثالث . فدعاء ( إشفع لي ) فيه ثلاثة أطراف ؛ المـسـتـشـفِع و المـسـتـشـفَع به و المـسـتـشـفَع عنده ، أمـا دعاء ( أدركني ) ففيه طرفان فقط : الـمـُـسـتغـيـث و المُـسـتـغـاث به و لا واسطة بينهما ، و كلا الـصـيـغـتان ( إشفع لي أو أدركني ) غير جائزة لأنهـا خطاب مباشر ( لطلب تفريج الكرب أو قضاء حاجة) لمن لا يسمع الدعاء .. فإن قيل : أن الأنبياء و الأئمــة والأوليــاء إنمــا هم شهـداء والـشهـداء أحـيــاء و يـشـفـعـون لأوليــائهـم ! نـقـول : نعم والله ، إنهم لأحـيــاء و إنهم لأهـلٌ للـشـفــاعـة ، و لكنهم أحـيــاءٌ عند ربهم و ليس عندنــا أو بين ظهرانينـا. لا يستطيعون سماعي و سماعـكـم وسماع هذا أو ذاك ! لأن هذه من صفات الله جلَّ و علا وهو الذي لا يشغله سمع عن سمع و لا يغلِطُهُ كثرة الـســائـلــين و هو أقرب إلينــا من حبل الـوريــد ... و لم يبلـغـنــا أن الله تعالى مكّنَ الأنبـيــاء والأولـيــاء من سماع نداء المسـتـغـيـثــيـن ولا أنه قد منحهم بعضاً من صفاته ! لا جرم و لا جدال أنهم أهل الشـفـاعة عند الله بعهد الله و ميثاقه ، فإن كنّــا نبغي الـشـفـاعـة بقولنــا ( يا علي اشفع لي ) فالأولى و أدبـاً مع الله أن نطلب الـشـفــاعـة منه مـبـاشـرة ونقول : ( اللهم شـفـعـنـي في رسولك أو شفعني في علي). هذا فيما يخص دعاء أو صيغة ( إشفع لي ) وهو أخف وطأة من صـيـغـة ( أدركني ) ، غير أنه لم يمـر علـينا فيما مضى صيغة ( إشفع لي يا علي ) بين أوساط الشيعة بل صيغة ( أدركني يا علي ) هي المهيمنة وهي التي جرت على ألسن الناس ، وهنا الطامة الكبرى .

الإستغاثة في ميزان القرآن !

من غير الصحيح القول بأن الشيعة الذين يتحدثون بطريقة ( أدركني ياعلي ) يقصدون توجيه الخطاب إليه أن يدركهم بالشـفــاعــة ، فليس في ذلك ما يدل عليهـا ولا توجد قرينة ولا بينة لذلك ، وليسأل أحدنا نفسه :

ساعةَ أن يردد ( أدركني ياعلي ) هل يفكر في الله أم يفكـر في علي ؟! .. (( مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِيْ جَوفِهِ )) (2)! ولا يمكن تبرير هذه الصيغ و إسنادها إلى النيّـات ، لأن النية غير كافية إذا كان العمل غير مشروع ! . يقص لنا القرآن أخبار الأمم الـسـابـقـة ليس على سبيل التسلية بل للعبرة و الاتعاظ والنهي عن التشبه بأفعال أهل الضلال لئلا ننتهي إلى ما انتهوا إليه (( لَقَدْ كَانَ فِيْ قَصَصِهِم عِبْرَةً لأُولي الألبابْ ))(3) وقوله (( وتـلكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا للنَّاسِ لَعَلّهُم يتفكرُون ))(4) .. والله قص خبر المشركين و أخبر عن نيـِّـاتهم بأنهـا التقرب إلى الله زلفى و أن هذه الأوثان إنمــا هم شفعاؤهم عند الله (( وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دوُنِ اللهِ مَالايَنْفَعُهُمْ شَيْئَاً وَلايَضُرُّهُمْ ويَقُولوُنَ هَؤلاءِ شُفَعاؤنَا عِنْدَ الله ))(5) فما علتهم إذن ؟ . هل كان الاعتراض على أنهم لم يوفقوا في اختيار الشفيع أم على أسلوب الشفاعة ؟ ... ولكن مهلاً ... قد يقول قائل هنا : كيف نـقارن بين المشركين والمؤمنين الذين آمنوا بالله ورسوله وكـتابه وأقاموا الصلاة ؟! والجواب هو أننا لا نقارن و إنما نبينُ الأمْرَ كَي لا نقع فيه ، ألم يقل الله تعالى مخاطباً الـمـؤمنين (( يَا أيُّهَا الّذيْنَ آمَنُوا لاتَكُـوْنـوا كَالّذيْنَ كَفَرُوا ...))(6) ! كيف خاطبهم بصيغة الإيمان ثم شَبَّه فعلهم بفعل الكافرين ؟! إنـها صيغة تحذير من التشبه بأفعال الكافرين ، لأن الشيطان يسير بخطوات و لا يستطيع أن ينقل المؤمن إلى النقيض بخطوة واحدة ، يقول إحذروا هذه الخطوة لأن بعدها خطوة وبعدها خطوة وهكذا .. هذا هو أسلوب القرآن ..((يَاأيـُّـهـا الّذيْنَ آمَنُوا لاتَكُونُوا كَالّذين كَفَرُواْ ...)) .. ونحن نقول يا إخواننا لا تكونوا كالذين أشركوا في إتباعهم الأسلوب الخطأ في الدعاء إلى الله ، لأن دعاء غير الله إشراك به ، قال تعالى :
(( يُولــِجُ الَّليْلَ فِيْ النَّهَارِ وَ يُولــِجُ النَّهَارِ فِيْ الَّليْلَ وَسَخَّرَ الشَّمسَ وَالقَــمَـرَ كُلٌّ يَجْـرِيْ لأَجَلٍ مُسَمَّى ذلكُم اللهُ رَبــُّـكُم لَهُ الُملْكُ ..
وَالّذيْنَ تَدعوُنَ مِنْ دُونــِـهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيْرٍ !
إنْ تَدْعُوهُمْ لايـَسْمَعُوا دُعَائَكُمْ !
وَلــَوْ سَـمِعُوا مااسْتَجَـابـُوا لَكُمْ !
وَيومَ القِيَامَةِ يَكْفــرُونَ بِشـِـرْكِكُمْ ! وَلا يُنَبَّـئُكَ مِثْلُ خَبِـيْـرٍ )) (7)

(( قُلْ ادْعُـوا الَّذيْنَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونــِهِ فَلا يَمْلِكُوْنَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحويْلاً )) (8)

(( أمَّنْ يُـجِيْبُ المُضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ ويَكْشِفُ السُّــوْءَ ؟))(9)

(( إنَّ الَّذيْنَ تَدْعوُنَ مِنْ دُوْنِ اللهِ عِبَادٌ أمْثَالُكُمْ .. فَادْعوُهُم فَلْيَسْتَجِيْبُوا لَكُم إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ !))(10)

وفي هذا ردٌّ على الذين يزعمون أن نهي القرآن إنما جاء عن الأصنام فقط ! والقرآن مليء بهذه الآيات و أمثالها . ليست هذه مسألةٌ فقهيه تعتمد أسس الاستنباط أو تحتاج إلى ذوي الاختصاص حتى يُخْـتَلَف في تأويلها و تفسيرها ، هذه من صلب عقيدة التوحيد التي لم يجعل القرآن فيها مجالاً للشك أو التأويل لأنها حجة على الخلق أجمعين ، و آياتُ اللهِ تصرخ و تصيح في كل موضع و في كل سورة ؛ أن الذين تدعون من دون الله لا يسمعونكم و لا يستجيبون لكم فأخلصوا الدعاء لله وحده :
(( بَل إيّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إليه إنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُون ))(11)

(( قُلْ أمَرَ رَبـِّي بِالْقِسْطِ وَأقِيْمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وادْعُوهُ مُخْلِصِيْنَ لَهُ الدّينَ )) (12)

(( ادْعُوا رَبــّـَكُم .. تَضَرُّعَاً وَ خُفْيَةً ))(13)
(( وللهِ الأسْمَآءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )) (14)

((لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ وَالذّيْنَ يَدْعوُنَ مِنْ دُونــِهِ لايَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيءٍ ))(15)

(( قُلْ هَلْ يَسْمَعُونَكُم إذْ تَدْعُوْن ؟ )) (16)

(( إنَّ اللهَ يَقْضِي بِالْحَقِّ ، والّذيْنَ يَدعُونَ مِنْ دُونــِهِ لا يَسْتَجِـيْبُونَ لَهُم بِشَيءٍ.. إنَّ اللهَ هُوَ السّمِيْعُ البَصِيْرُ ))(17) سميعٌ لنداء المضطرين والمكروبين .. بصيرٌ بحالهم !

وَقَالَ رَبـُّكُم ادْعُونــِيْ أسْتَجِبْ لَكُمْ )) (18)
(( هُوَ الحَيُّ لا إله إلا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلـِصِينَ لَهُ الدّينَ )) (19) هو الحي وغيره يموت !

(( وَمَنْ أضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لايَسْتَجِيبُ لَهُ إلى يَومِ القِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِم غَافِلُونَ ))(20)
(( قــُلْ إنَّمَا أدْعُوا رَبِّي ))(21)
إن القضية عندما يطرحها القرآن بهذه الكثافة وهذا الوضوح لا تحتاج إلى رأي العلماء ، قال تعالى :
(( فَبِأيِّ حَدِيْثٍ بَعْدَ اللهِ وَ آيــاتـِـهِ يُؤمِنُونْ ؟! ))(22)
لأنها قضية تكفل بالأجابة عنها وتوضيحها القرآن ، وهي واضحة وضوح الشمس في وضح النهار : (( فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أحَداً ))(23) ... ( لاتَدعُوا) و مصدرها الدعاء ولم يقل (لا تَدَّعوا) و مصدرها الإدِّعَاء ... (مَعَ اللهِ أحَدَاً) ، لامَلَكَاً مقرب و لانبيٌّ مرسل و لا وليٌّ مُشَفَّع ، هذه مسألة خالصة لله ، الدعــــاء مُخُّ العبادة ، والاعتماد على النيات ليس هنا موضعه ، و إنما تبرز أهمية النية فيما لو كان العمل صالحاً مشروعاً و النية مُختَلَفٌ فيها. كأن يتصدق رجلٌ بصدقة ، فإن كانت نيته لله أُجِرَ عليها و أُثيب ، وإن كانت لغير الله لم يؤجر، لكنه لا يعاقب أيضاً وإنما فاته أجر هذا العمل ؛ رجل شارك في معارك الجهاد ، فإن كانت نيته خالصة لأعلاء كلمة الله أُثيبَ على جهاده ، وإن كانت لحسابات دنيوية أخرى لا ثواب له ولا عقاب وإنما فاته أجر هذا العمل ؛ رجل صام رمضان ، إن كان صيامه إيماناً واحتساباً أُثيب ، وإن كان لتخفيف الوزن لم يُثب ولم يعاقب أيضاً بل فاته أجر هذا العمل ، هنا النية هي الفيصل لأن العمل صالح و مشروع . لكن قضية (أدركني ياعلي) إن كانت لغير الله فقد وقع في ظلم الشرك وحبط عمله كله ! وإن كانت نيته أن يدعوا الله بهذا الدعاء فقد أساء الأدب مع الله وتكلم بهراء. كان المشركون يعلمون تماماً من خلق السموات والأرض ومن يخرج الحي من الميت و من يدبر الأمر ، قال تعالى :
(( قُلْ مَنْ يَرزُقُكُمْ مِنَ السّـمَـآءِ وَالأرضِ أمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَ الأبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ و يُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمْرَ ، فَسَيَقُولونَ : الله .... فَقُلْ: أفَلا تَتَّـقُون ))(36)
فما علتهم إذن إذا كانوا يعلمون كل هذا ؟! لماذا منعوها رسولَ الله (ص) ؟ لأنهم لم يعملوا بما علموا . مرة أخرى ، نحن نسوق هذه الأمثلة على سبيل التوضيح والتحذير ولا نقول أن إخواننا هم كهؤلاء المشركيـن والعياذ بالله ، لكن هذا الفعل شبيه بفعلهم ذاك ، ولم يعصم الله هذه الأمة من الوقوع في الشرك ، ألم يقل بأبي هو وأمي (ص) :

( لتتبعُنَّ سُنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع ) ؟! نحن نقول أن الأمة غير معصومة والواجب تنبيهها و تحذيرها ، وخطوات الشيطان كثيرة ، تبدأ من تخفيف حدة العبادة و تقليل النوافل و تنتهي بالأشراك بالله والعياذ بالله . هذا لا يعني أن اخواننا مشركون يعتقدون بوجود اله آخر كما يلوح به أصحاب العقول الغليظة! هؤلاء الناس لشدة حبهم لرسول الله ولأهل بيته عليه وعليهم السلام اندرجت هذه الألفاظ على ألسنتهم دون أن يعوا خطرها العقائدي ، هؤلاء لا يعرفون الخطوط الحمراء بين الله وبين اولياؤه لضعف علاقتهم بالقرآن من جهة ولوجود تلك الطبقة التي تعيش على لعق الدين مابقي يدرّ معايشهم على حسب تعبير سيد الشهداء الحسين من جهة اخرى.

إن الله بين لنا في قرآنه التناقض الشديد الذي يقع فيه الإنسان حين تدهمه الكرب والملمات حيث يلجأ ، بفطرته التي فطره الله عليها ، فيدعو الله وحده ويخصه بالدعاء وحده ، حتى إذا ما كشف الكرب عنه أعرض و جعل لله أنداداً ، وكل شيء يضعه الإنسان بديلاً أو شريكاً لله فهو ندٌ له ، من دون فرق بين كون ذلك الند ملكاً أو نبياً أو ولياً أو صنماً! يقول تعالى :
(( وإذا مس الأنسان ضر دعا ربه منيباً اليه )) هذا هو دعاء الفطرة ! ثم يقول (( ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو اليه من قبل وجعل لله أنداداً ))(25)..!
((فإذا مس الإنسان ضر دعانا )) هذا هو دعاء الفطرة ! ثم يقول (( ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم )) (26).!
(( وإذا مسّكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه )) هذا هو دعاء الفطرة ، ثم يقول (( فلما نجاكم الى البر أعرضتم، وكان الإنسان كفوراً ))(27)..
((قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة بغتة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين ، بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إن شاء وتنسون ما تشركون )) (28)..
((.. وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين ))(29)..
((فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون )) (30)..
((وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد )) (31)..
((قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين)) (32) ..
((وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه)) (33)..
((وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون )) (34).. الروم 33
ولم يترك الله هذه القضية العقدية للفقهاء حتى يختص بها اهل العلم لأنها حجته على الناس جميعاً ، بل بينها في أغلب مواضع القرآن وشدد عليها أكثر مما شدد على الصلاة ! كيف يستقيم الإخلاص لله إذا اشترك معه غيره في الدعاء؟! أم كيف يكون الإنقطاع الى الله إذاً إذا دعونا أحداً سواه ؟! أم كيف تكون مناجاة الله والتضرع له الذي أمرنا به (( أدعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين )) ..
إن أعظم الخلق قدراً ومنزلة هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأهل بيته وأصحابه هم أعلم الناس بأمره وقدره وأطوع الناس له ولم يكن يأمر أحداً منهم عند الفزع أو الكرب أو الخوف أن يستغيث به فيقول ياسيدي يا رسول الله أغثني ! وهو الذي الذي ماترك طريقاً للفلاح والخير والرشاد إلا ودل أمته اليه ، بل كان يأمرهم بذكر الله ودعائه ، وروي عنه أنه علم ابنته الزهراء عليها السلام أن تقول ( يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض لا اله إلا أنت برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحدٍ من خلقك ) ..
إن الذي يملك الضر والنفع هو الله وحده ، وأمرنا أن نتوجه اليه بعد أن نأخذ بالأسباب المتاحة لنا على قاعدة " إعقلها وتوكّل " ..حتى إذا عجزت أسبابنا توجهنا الى خالق الأسباب ومسببّها، لقد أمر اللهُ تعالى مريمَ البتول عليها السلام حينما أجاءها المخاض الى جذع النخلة أن تهز بجذعها لتسقط عليها رطباً ! فهل رأيت انساناً هز نخلة من قبل لتسقط عليه رطباً ؟! ناهيك عن هذه المرأة الضعيفة وهي بعدُ في أضعف حالاتها بين آلام الوضع ! إنه الأخذ بالأسباب (( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ))(35) !
ماهي معالم التوحيد في الإسلام ؟ ماهي مدلولات لا إله إلا الله التي حاربها ويحاربها الناس ؟ إنها لربط الإنسان مطلقاً بخالقه وإخراجه من عبودية غيره ، إن لا اله إلا الله لا تعني فقط لا خالق إلا الله ، فهذه يعرفها حتى الذين يحاربون الإسلام! إن لها أبعاداً لم يألفها البشر إلا في مناهج الرسل التي دأب البشر على تحريفها وتشويهها بما ينسجم مع تصوراتهم المادية المحدودة ، فاخترعوا الوسطاء بين الله وبين خلقه ! .. وما قصة قوم نوح إلا مثالاً واضحاً عن كيفية تحول فئة من أولياء الله كـ (ودّ) و (يغوث) و (يعوق) و(نسر) الى آلهة تعبد وترتجى من دونه مع تعاقب الأجيال ، وهاهي تصورات النصارى وعقائدهم في بنوة المسيح التي اخترعها لهم (بولس) لتماشي عقائد الرومان في الآلهة !
لا إله إلا الله تعني لا معبود في الكون بحق إلا الله ، لا رازق إلا الله ، لا مدبر إلا الله ..
لا نخشى إلا الله ، لا نتوكل إلا على الله ، لا نرجو إلا الله ، لا نخاف إلا الله ..
لا نبكي إلا لله ، رهبة منه ورغبة إليه ..
لا نلجأ إلا اليه ، ولا نتضرع إلا اليه ..
لانرفع أكفنا بالدعاء إلا اليه ، فنقول يارب أغثنا وأدركنا بلطفك ، ولا نرفع أيدينا فنقول (( يا علي أدركنا )) !
لا نرفع أيدينا لغيره ، لا لأنبيائه ولا لأوليائه ! لأن حقهم علينا ليس دعاءهم و الإستغاثة بهم ، بل اتباع أثرهم والإقتداء بنهجهم والصلاة عليهم ، وهذا هو السبيل لنصرتهم وهذا هو ما يفرحهم ويعطي ثمرة جهادهم و دمائهم..

أرسل الله الـرسل ليطاعوا .. لا ليستغاث بهم ! (( وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ))(37)
أرسلهم الله ليكونوا واسطة التبليغ عنه ، لا ليكونوا واسطة التبليغ اليه !
هم رسل الله الينا ، وليسوا رسلنا إلى الله !
هم يبلغوننا ما يريده الله منا ، ولا يبلغون الله مانريده منه ! هو الذي يسمع دعاء الخلائق وتضرعهم وليس بينه وبين دعائهم حجاب ! ..

(( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه .. ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ))(38)

شبهات حول بعض الآيات !

يتوهم البعض ورود بعض الآيات القرآنية التي تبيح أو تشير الى مشروعية الإستغاثة بالنبي وأهل بيته عليه وعليهم الصلاة والسلام ، منها قوله تعالى :

((ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ))(39) والوسيلة تأتي بمعنى الدرجة وبمعنى القربة بالطاعات ، وقد أجمع على هذا كبار المفسرين من السنة والشيعة.

يقول ابن كثير في تفسيره : والوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها, والوسيلة درجة في الجنة, وهي التي جاء الحديث الصحيح بها في قوله عليه الصلاة والسلام: (فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة).
والقرطبي يقول : يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بتقواه وهي إذا قرنت بطاعته كان المراد بها الانكفاف عن المحارم وترك المنهيات وقد قال بعدها" وابتغوا إليه الوسيلة " قال سفيان الثوري: عن طلحة عن عطاء عن ابن عباس أي "القربة" وكذا قال مجاهد وأبو وائل والحسن وقتادة وعبد الله بن كثير والسدي وابن زيد وغير واحد وقال قتادة أي "تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه" وقرأ ابن زيد" أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة " وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه.
والوسيلة هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود والوسيلة أيضا علم على أعلى منزلة في الجنة وهي منزلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وداره في الجنة وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش وقد ثبت في صحيح البخاري من طريق محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة " "حديث آخر" في صحيح مسلم من حديث كعب عن علقمة عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله سمع النبي - صلى الله عليه وسلم- يقول:" إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لاتنبغي إلا لعبد من عباد الله وارجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة " .
ويقول عنها الطبرسي مجمع البيان : أي اطلبوا اليه القربة بالطاعات ،
وفي جوامع الجامع : كل ما يتوسل اليه من الطاعات وترك المقبحات ،
وفي تفسير شبر : أي ما تتوسلون به الى ثوابه من الطاعة ،
و للـطبأطبائي في الميزان : حقيقة الوسيلة الى الله تعالى مراعاة سبيله بالعلم والعبادة ، وتحري مكارم الشريعة ، وهي القربى. ولا رابط يربط بين العبد وربه الا ذل العبودية، فالوسيلة هي التحقق بحقيقة العبودية وتوجيه وجه المسكنة والفقر الى جنابه تعالى. فهذه هي الوسيلة الرابطة.
و للسيد محمد الحسيني الشيرازي في تقريب القرآن : السبب الذي يقربكم اليه سبحانه من فعل الخيرات والأعمال الصالحة. فهذه كلها تقول أن الوسيلة هي طاعة الله ولا تعني بأية حال اتخاذ الأئمة والأولياء كوسائط و وسائل الى الله.

أما قوله تعالى (( قُلْ ادْعُـوا الَّذيْنَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونــِهِ فَلا يَمْلِكُوْنَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحويْلاً ، أؤلئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ))(40) فقد أجمع جمهور المفسرين على أن المقصود من الآية هو أن هؤلاء الصالحين الذين يدعوهم المشركون ، أقربهم الى الله يبتغي الوسيلة اليه بالطاعة والقربة ، فكيف بغير الأقرب ! كما قال بذلك الطبرسي في جوامع الجامع والكاشاني في الصافي وغيرهم ، وقال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره من وحي القرآن : والظاهر أن المراد من الوسيلة ، هي العمل الصالح الذي أراده الله سبيلاً للقرب منه فيما يتقرب الناس اليه لا الأشخاص الذين يتخذهم الناس وسائل!!

الإستغاثة في ميزان العترة المطهرة !

لقد أورثنا الأئمـة تراثاً من الأدعية تُكتب بحروف من ذهب على صفحات من نور ، وقد بلغوا الذروة في أساليب التوسل و التضرع إلى الله لم يسبقهم إليها أحد ولم يأتي بشبيه لها من بعدهم أحد ، وهذه أدعية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و صحيفة الإمام السجاد عليهم السلام بـين أيدينا وليس فيها صيغة استدراك أو سؤال لغير الله ، فهل فاتهم سؤال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وطلب الأستدراك منه ؟! ونحن نقرأ دعاء (( كُمَيل )) كل حين ، فهل نقرأه لأننا معجبون بشخصية الإمام عليه السلام أم للتدبر بهذا التراث الخالد. بماذا توسل الأمام في بداية دعائه ؟ برحمة الله وقوته و جبروتهِ و وقدرتهِ وعظمتهِ وأسمائهِ ونور وجهه و صفاتهِ ، وخطابهُ و مناجاتهُ كلها للهِ وحده ولم يسأل أحداً غيره ، ولو جاز ذلك لكان هو الأولى بسؤال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الأخلص نية والأصفى قلباً ! يقول الأمام علي بن أبي طالب يصف لنا آداب التوسل والدعاء :

(( ان أفضل ما توسل به المتوسلون الى الله سبحانه وتعالى الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله فأنه ذروة الإسلام ، وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة ، وإقامة الصلاة فإنها الملة ، وإيتاء الزكاة فإنها فريضة واجبة ، وصوم شهر رمضان فإنه جُنة من العقاب ، وحج البيت واعتماره فإنهما ينفيان الفقر ويرحضان الذنب ، وصلة الرحم فإنها مثراة في المال ومنساة في الأجل ، وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة ، وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء ، وصنائع المعروف فإنها تقي مصارع الـهـوان ))

ويقول الإمام السجاد الذي سطر أخلص وأصفى تعابير التوسل و الإستغاثة في أدعيته ، يقول في الدعاء الذي رواه عنه أبو حمزة الثمالي :

((.. و الحمد لله الذي أناديه كلما شئت لحاجتي ، وأخلوا به حيث شئت لسري .. بغير شفيعٍ ، فيقضي لي حاجتي..
الحمد لله الذي لا أدعو غيره ، ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي ..!!
والحمد لله الذي لا أرجو غيره ، ولو رجوت غيره لأخلف رجائي ..!! ))

ويقول في مناجاة المطيعين:

(( ولا وسيلة لنا اليك إلا أنت )) !!

ويقول أيضاً : (( أنت المدعو للمهمات وأنت المفزع في الملمات )) !!

ويقول أيضاً: (( لا يشركك أحد في رجائي ولا يتفق أحد معك في دعائي ولا ينظمه وإياك ندائي )) !!

ويقو ل الإمام جعفر الصادق عليه السلام:

عجبت لمن أدركه الهمَّ .. ولم يفزع إلى قول الحقِّ سبحانه :
(( لآ إلهَ إلا أنْتَ سُبْحَانَكَ إنَّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمـيِنَ )) فإني سمعت الله بعقبها يقول :
(( فَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الغَمِّ وكَذلِكَ نُنْجِيْ المُؤمِنِينَ ))
وعجبت لمن أدركه الخوف .. ولم يفزع إلى قول الحق سبحانه و تعالى :
(( حَسْبُنَا اللهُ وَ نِعْمَ الوَكِيل )) فإني سمعت الله بعقبها يقول :
(( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضلٍ لَم يَمسَسْهُم سُوءٌ ))
وعجبت لمن خاف المكر ولم يفزع إلى قول الحق سبحانه و تعالى :
(( وَأُفَوِّضُ أمْرِي إلَى الله )) فإني سمعت الله بعقبها يقول :
(( فَوَقَاهُ اللهُ سَيَّئَاتِ مَا مَكَرُوا ))

إن
تَـشَيِّعُنَا للأمام (ع) ليس لشخصه ولا لنسبه ، وإنما للعقيدة التي آمن بها و للفكر الذي حمله وللنهج الذي إنتهجه باعتباره المرآة الحقيقية لنهج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و لعقيدة التوحيد الخالص في الأسماء والصفات والأفعال ، سطرها ربنـا في قرآنه وبينها رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وجاهد عليها الأئمـة (ع) و بذلوا أنفسهم دونها ، (( أدركني ياعلي)) لا تكشف الـضُـرّ .. (( وَأيّوبَ إذ نادى رَبَّهُ أنِّي مَسَّنيَ الضُرُّ وأنْتَ أرْحَمُ الرّاحِميْن ، فاسْتَجَبْنَا لَه فَكَشْفنَا مابِهِ مِنْ ضُرٍّ ))(41)

شبهات حول بعض الأحاديث !

يستشهد الذين يرون جواز التوسل و الإستغاثة بالأنبياء مباشرة بحديث الأعمى الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو اللهَ له ليرد اليه بصره ، روى الحديث أحمد في مسنده : ( حدثنا روح قال حدثنا شعبة عن أبي جعفر المديني قال سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت يحدث عن عثمان ابن حنيف أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى اللهم عليه وسلم فقال يا نبي الله ادع الله أن يعافيني فقال إن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك وإن شئت دعوت لك قال لا بل ادع الله لي فأمره أن يتوضأ وأن يصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى اللهم عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضي وتشفعني فيه وتشفعه في قال فكان يقول هذا مرارا ثم قال بعد أحسب أن فيها أن تشفعني فيه قال ففعل الرجل فبرأ ) .

ان الأعمى طلب من النبي أن صلى الله عليه وسلم أن له ليرد اليه بصره فعلمه النبي صلى اله عليه وسلم دعاء أمره فيه أن يسأل الله قبول شفاعة نبيه فيه. فهذا يدل على ان النبي صلى الله عليه وسلم شفع فيه وأمره أن يسأل الله قبول شفاعته ، فقوله (يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضي وتشفعني فيه وتشفعه في ) فطلب من الله أن يشفع فيه نبيه، وقوله ( يامحمد اني أتوجه بك الى ربي) هي كما يقول المصلي ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ) وكقولنا ( السلام عليك يا أبا عبد الله ) فهو نداء يطلب به استحضار المنادى في القلب فيخاطب لشهوده في القلب ، وليس فيه صيغة سؤال أو استعانة أو استغاثة ! بقي أن نعرف أن هذا الحديث مرفوع ! ويعارضه الحديث الصحيح الآخر الذي رواه الترمذي عن ابن عباس:
(عن ابن عباس قال كنت خلف رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يوما فقال يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ) قال هذا حديث حسن صحيح !

الخلاصة

إن الأنبياء والأولياء أحياء ولكن عند ربهم في كرامته ، و لا نعرف شيئاً عن كنه حياتهم أو طبيعتها ، وهم لا يستطيعون كشف الضر أو تفريج الكرب أو عون المحتاجين لأنهم عباد وبشر مثلنا وقد انتقلوا الى عالم آخر ، لا يسمعون دعائنا ولا نداءاتنا و لا استغاثاتنا ! يقول الإمام الصادق في الحديث الذي رواه الكليني في كتاب الروضة من الكافي :

(( والله ما نحن الا عبيد.. ما نقدر على ضر ولا نفع ، إن رحمنا فبرحمته ، وإن عذبنا فبذنوبنا ، والله مالنا على الله من حجة ولا معنا براءة ، وإنا لميتون ومقبورون ومنشورون ومبعوثون ومسؤولون ، اشهدكم أني امرؤٌ ولدني رسول الله وما معي براءة من الله ، إن أطعت رحمني وإن عصيت عذبني عذاباً شديداً ))

وكتاب الله الذي استعرضنا قبساً من آياته ، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأقوال العترة المطهرة كلها تظافرت على منع الإستغاثة بغير الله والدعاء والطلب من غيره ، والتشيع لأهل البيت عليهم السلام يقتضي السير على نهجهم واقتفاء أثرهم والعمل بهديهم ، ولا يلتفت الى أقوال الغلاة الذين يستأكلون بهم ويحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله !

إن الذين يحاولون تبرير الإستغاثة بغير الله من الأنبياء والأولياء سيجدون أنفسهم أمام عقبتين رئيسيتين :

أولهما : أن يثبتوا أن المقصود بالاستغاثة بهم على أحسن حالات حسن النية انما هو ليشفعوا للمستغيث عند الله بدعائهم وليس طلب مباشرة حقيقة الفعل كالنصرة ورفع الضر وكشف الكرب والشفاء ! أي اثبات (( حسن النية )) بإرادة شفاعتهم ودعائهم ، وهذه لا يمكن احتباسها وتقنينها لأن النيات موكلة الى رب العباد ، وجب النظر عندها الى صيغة الإستغاثة وتنزيهها عن اللبس ، فتبطل عندئذ (( أدركني ياعلي )) و (( أغثني ياعلي )) و (( مدد يا ابو الحسن )) لتحل محلها (( أدركني ياعلي بشفاعتك عند الله )) و (( أغثني يا أبو الحسن بدعائك عند الله )) ، وفيها تقرير النية التي تسلم من حقيقة الشرك . فإذا سلمت من هذه وجدوا العقبة الأخرى :

ثانيهما : أن يثبتوا بالدليل أن الأئمة عليهم السلام ، في حياتهم الأخرى عند الله يسمعون المنادي ، ويسمعونه على أية حال كان وفي أي مكان وفي أي وقت ، وليس المنادي فقط بل يسمعون الجميع ، جميع من يناديهم ، بأصواتهم جهراً أو همساً ، سراً وعلانيةً ، بلغاتهم المختلفة ! فإذا نودي الإمام من قبل مائة شخص في آن واحد سمعهم جميعاً . وهذه الصفة مختصة بالله وحده لا شريك له فيها ! وعلم هذا في الغيب وحده ومصدر الغيب الذي بين أيدي المسلمين هو القرآن فليشتقوا دليلهم منه وليس من غيره! فإن عدموا الدليل وهو معدوم ثبت عند ذلك ان هذه صفات الله وحده وتسقط عندها صيغة ( أدركني يا علي بشفاعتك ) لتحل محلها ( أدركني يا الله بشفاعة علي أو بحبك اياه ) وهذا ما نـقول به .

أما محاولة ليّ أعناق النصوص وتفسير الكلام بغير مدلوله والإدعاء بأن (( أدركني يا علي )) أو (( الغوث يا أبا الحسن )) هي إنما لطلب دعائهم الله لنا لكشف الكرب والغم وإن الكاشف والمغيث هو الله ، فهي كالتصريح بمشروعية قولنا (( اغفر لي ياعلي )) أو (( ارحمني ياعلي )) والإدعاء بأن الغافر والراحم هو الله !

((إنْ تَدْعُوهُمْ لايـَسْمَعُوا دُعَائَكُمْ ..وَلــَوْا سَـمِعُوا مااسْتَجَـابُوا لَكُمْ وَيومَ القِيَامَةِ يَكْفــرُونَ بِشـِـرْكِكُمْ .. وَلا يُنَبَّـئُكَ مِثْلُ خَبِـيْـرٍ )) .

ظافر أبو الحارث

17 ربيع الأول 1421 هـ الموافق 20/6/2000م

(1) : سورة الحجرات 13

(2) : الأحزاب 4

(3) : يوسف 111

(4) : الحشر 21

(5) : يونس 18

(6) : آل عمران 156

(7) : فاطر 13-14

(8) : الاسراء 56

(9) : النحل 62

(10) : الأعراف 149

(11) : الأنعام 41

(12) :الأعراف 29

(13) :الأعراف 55

(14) : الأعراق 180

(15) : الرعد 14

(16) : الشعراء 72

(17) : غافر 20

(18) :غافر 60

(19) :غافر 65

(20) : الأحقاف 5

(21) : الجن 20

(22) : الجاثية 6

(23) : الجن 18

(24) : يونس 31

(25) : الزمر 8

(26) : الزمر 49

(27) : الإسراء 67

(28) : الإنعام 40

(29) :يونس 22

(30) :العنكبوت 65

(31) :لقمان 32

(32) :الإنعام 63

(33) :يونس 12

(34) : الروم 33

(35) : الأنفال 17

(36) :يونس 31

(37) : النساء 64

(38) : ق16

(39) : المائدة 35

(40) :الأسراء 57

(41) : الأنبياء 83-८४


http://alkatib.co.uk/m51.htm


الاثنين، 4 يناير 2010

لعنة الحسين


لعنة الحسين

على من ؟

هولوكوست كربلاء
من يدفع ثمنه
؟
كيف انضم الخائن الى صفوف المتباكين والقيت الجريرة على الابرياء

ليدفعوا ثمن جريمة قتل الحسين